ومروان من المجيدين المحككين للشعر ومما يستحسن له مراثيه في معن بن زائدة، ومدائحه أيضاً العجيبة فيه. ويقال: إنه دخل على جعفر ابن يحيى البرمكي، وقد امتدحه بهذه القصيدة، فوقف ينشد:
أبر فما يرجو جواد لحاقه ... أبو الفضل سباق اللهاميم جعفر
وزير إذا ناب الخليفة حادث ... أشار بما عنه الخليفة يصدر
فقال ويحكّ! أنشدني مرثيتك في معن:
وكان الناس كلهم لمعن إلى أن زار حفرته عيالا
فأنشده إياها حتى فرغ من القصيدة، وجعفر يرسل دموعه، فلما سكن قال: أثابك أحد من ولده وأهله على هذه شيئاً؟ قال: لا. قال جعفر: فلو كان معن حياً ثم سمعها منك، كم كان يثيبك عليها؟ قال: أربعمائة دينار. قال جعفر: لكني أظن أنه كان لا يرضى لك بذاك، وقد أمرنا لك عن معن بضعف ما قلت، وزدنا نحن مثل ذلك، فاقبض من الخازن ألفاً وسبعمائة دينار قبل أن تنصرف إلى رحلك. فقال مروان يذكر ذلك، ويمدح جعفر، وزادها في مرثيته لمعن:
نفحت مكارماً عن قبر معن ... لنا ممّا تجود به سجالا
فعجلت العطية يا بن يحيى ... بتأدية ولم ترد المطالا