ونقضت مني بنيتي فبنيتني ... بيديك أحسن بنية البنيان
وعليك تقويمي إذا ما نالني ... أود لأنك كنت أنت الباني
قال: ودفعت الأبيات إلى الرسول الذي حمل المال، فمضى وسرت أنا على سنني فلما صرت على عشرة فراسخ إذا أنا بجماعة يغذون السير خلفي حتى لحقوني وقالوا: يا هذا قتلتنا وقتلت دوابنا. ودفع أحدهم إلي كتاباً. فإذا هو كتابي الذي كتبت فيه الأبيات، وإذا هو قد كتب إلي تحت هذين البيتين:
أبلغ أبا إسحاق أن محله ... مني بحيث الرأس والعينان
فليفرخ الروع الذي روعته ... إن المحل محل كل أمان
فلت للفرسان: قد أغذذتم السير وحملتم على أنفسكم، فانزلوا واعملوا الليلة على المقام تستريحوا وتريحوا دوابكم. قالوا: والله لو قطعتنا ما أقدمنا على ذلك، إما أن ترد الجواب أو تُردّ معنا. قلت: فوجهزا بفارس يتقدمكم ويعلمه أنا غداً عنده. قالوا: أما هذا فنعم، وبادروا إليه بفارس يركض الليل أجمع حتى وافاه وأعلمه أنه لحقوني بموضع كذا وكذا، وأنهم غداً عنده. فطابت نفسه. فلما كان من الغد ارتحلنا وقد استراحت دوابنا ووافينا بابه واستأذنا، فأذن لنا، فلما قمنا بين يديه وسلمت رد أحسن رد ومد يديه معاً إلي فناولينهما وضمني إليه، وأقعدني