فغير مغناها ومحت رسومها ... سماء وأرواح ودهر لها عقب
تربع في أطلالها بعد أهلها ... زمان يشت الشمل، في صرفه عجب
تبدلت الظلمان بعد أنيسها ... وسوداً من الغربان تبكي وتنتحب
وعهدي بها غناء مخضرة الربا ... يطيب الهوى فيها ويستحسن اللعب
وفي عرصات الحي أظبٍ كأنها ... موائد أغصان تأود في كثب
عواتق قد صان النعيم وجوها ... وخفرها خفر الحواضن والحجب
عفائف لم يكشفن ستراً لغدرةٍ ... ولم تنتح الأطراف منهن بالريب
فأدرجهم طيّ الجديدين فانطووا ... كذاك انصداع الشعب ينأى ويقترب
وكأس كسا الساقي لنا بعد هجعة ... حواشيها مامج من ريقه العنب
كميت أجادت جمرة الصيف طبخها ... فآبت بلا نار تحش ولا حطب
لطيمة مسك فت عنها ختامها ... معتقة صهباء حيرية النسب
ربيبة أحقاب جلا الدهر وجههافليس بها إلا تلأ لؤها ندب
إذا فرجات الكاس منها تخليت ... تأملت في حافاتها شعل اللهب
كأنّ اطراد الماء في جنباتها ... تتبع ماء الدر في سبك الذهب
سقاني بها والليل قد شاب رأسهغزال بحناء الزجاجة مختضب
يكاد إذا ما ارتج ما في إزاره ... ومالت أعاليه من اللين ينقضب