مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان. وكان ابن ميادة يضرب أمه في صباه ويقول:
اعر نزمي ... مياد للقوافي
يريد أنه سيهجو الناس فيهجونه ويذكرون أمه.
وأبوه من ولد ظالم بن الحارث بن ظالم المري وهو القائل يفتخر بذلك:
سقتني سقاة من آل ظالم ... بأرشية أطرافها في الكواكب
وبقي ابن ميادة حتى أدرك أيام بني العباس. وقد مر على جعفر بن سليمان ابن علي وهو والي البصرة فأنشد:
يا جعفر الخيرات يا جعفر ... ليتك لا تنعى ولا تقبر
فلما رأى جعفر ركاكة هذا الشعر وخفته قال: يا رماح. قال: لبيك أيها الأمير. قال: أتمدح الوليد بن يزيد الفاسق بمثل ذلك الشعر وتمدحني بمثل هذا؟ قال: أيها الأمير إن مدح الشاعر على قدر العطية. وما علي من فسق الوليد وقد أعطاني أربعمائة ناقة برعاتها وعبيدها وآلاتها؟ والله لا قلت أبداً أنه فاسق ولو ضربت عنقي فإن إحسانه يمنعني عن ذلك، فأعجبه ما رأى من شكره ووفائه للرجل بعد الموت وذهاب الدولة، فأمر له بأربعمائة ناقة، وقال له: قل الآن مثل شعرك الذي تقول فيه، فقال:
كنت امرأً أرمى الزوائل مرة ... فأصبحت قد ودعت رمى الزوائل
وعطلت قوس اللهو من شرعاتها ... وصارت سهامي بين رثّ وناصل