فانصرف عنه في اليوم، فلما كان من الغد غدا على الرشيد وقد تزيا بزي الأعراب، ثم أنشده وقبل يده وقال: يا أمير المؤمنين قد والله أنشدت مروان بن محمد فرأيت وجهه وقبلت يده وأخذت جائزته، ومن قبله يزيد ابن الوليد وإبراهيم بن الوليد، ثم أبا العباس السفاح، مدحته ورأيت وجهه، وقبلت يده وأخذت جائزته، ثم مدحت المنصور ثم المهدي ثم الهادي ثم إلى كثير من أشباه الخلفاء والأمراء والسادة والروساء، والله يا أمير المؤمنين أمير المؤمنين ما رأيت فيهم أبهى منظراً، ولا أحسن وجهاًن ولا أندى راحة منك يا أمير المؤمنين. قال: فأجزل له الجائزة على شعره، وأضعفها على كلامه، وأقبل عليه بوجهه وتبسم له وبسطه، حتى تمنى جميع من حضر من الشعراء والخطباء والبلغاء والوفود الذين عنده أنهم قاموا ذلك المقام. وطار اسم العماني بذلك.
وحدثني حيان بن علي البصري قال: حدثني الرياشي عن الأصمعي قال: كان العماني شاعراً قديماً مفلقاً مطبوعاً مفيداًن وكان جيد الرجز والقصيد غير أن الأغلب عليه الرجز، وكان يصف الفرس فيجيد ويحسن.
ومن قوله في ذلك:
كأن تحت البطن منها أكلبا ... بيضاً صغاراً ينتهشن القبقبا