(الكسوف والخسوف) : شيء واحد، وكلاهما قد وردت به الأخبار، وقال - تعالى -: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ}[القيامة: ٧- ٨] ، وفي الحديث مشروعية صلاة الكسوف جماعة ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجدتان.
* * *
الحديث الثاني
عن أبي مسعود عقبة بن عامر الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوِّف الله بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحدٍ من الناس ولا لحياته، فإذا رأيتم منها شيئًا فصلُّوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)) .
فيه دليل على مشروعية الصلاة لكسوف الشمس أو القمر، وعلى مشروعيتها في أيِّ وقت حدث فيه الكسوف، وفيه الأمر بالدعاء والتضرُّع إلى الله - تعالى - قوله:((وأنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته)) .
قال الحافظ: وفي هذا الحديث إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب في الأرض، وهو نحو قوله في الحديث الآخر:((يقولون: مُطِرنا بنوء كذا)) .
قال الخطابي: كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يُوجِب حدوث تغيُّر في الأرض من موت أو ضرر، فأعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتقاد باطل، وأن الشمس والقمر خلقان مسخَّران ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما.
قوله:((يخوف الله بهما عباده)) قال الحافظ: فيه ردٌّ على مَن يزعم من أهل الهيئة أن الكسوف أمر عادي لا يتأخر ولا يتقدم؛ إذ لو كان كما يقولون لم يكن ذلك تخويف ويصير بمنزلة الجزر والمد في البحر.
وقال ابن دقيق العيد: ربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله: ((يخوِّف الله بهما عباده)) وليس