عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال:"قَدِم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، فقال:((مَن أسلف في شيء فليسلف في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ)) .
(السَّلَم) : هو السَّلَف وزنًا ومعنًى، وقيل: السَّلَف لغة أهل العراق، والسَّلَم لغة أهل الحجاز، وهو بيع موصوف في الذمة، واتَّفق العلماء على أنه يشترط له ما يشترط للبيع وعلى تسليم رأس المال في المجلس، إلا مالكًا فإنه أجاز تأخير اليومين والثلاثة.
والسَّلَم جائز بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢] .
قوله:((في شيء)) قال الحافظ: أُخِذ منه جواز السلم في الحيوان إلحاقًا للعدد بالكيل، والعدد والذرع ملحق بالكيل والوزن للجامع بينهما وهو عدم الجهالة بالمقدار، انتهى.
وقال مالك: يجوز السَّلَم في المكيل وزنًا وفي الموزون كيلاً إذا كان الناس يتبايعون التمر وزنًا، قال الموفق: وهذا أصحُّ إن شاء الله تعالى؛ لأن الغرض معرفة قدره وخروجه من الجهالة وإمكان تسليمه من غير تنازُع فبأي قدر قدَّره جاز، انتهى.
وقال مالك أيضًا: يجوز السَّلَم إلى الحصاد وقدوم الحاج.
وعن عبد الله بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى قالا: "كنَّا نصيب المغانم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام فنسلقهم في الحنطة والشعير والزبيب - وفي رواية: والزيت - إلى أجل مسمى، قيل: أكان لهم زرع؟ قالا: ما كنَّا نسألهم عن ذلك"؛ رواه البخاري.
ويجوز الرهن في السلم والكفيل به، وهو قول مالك والشافعي وأهل الرأي ورواية عن أحمد؛