للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعاء الاستسقاء في خطبة الجمعة والدعاء به على المنبر ولا تحويل فيه، ولا استقبال والاجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء، وليس في السياق ما يدلُّ على أنه نواها مع الجمعة، وفيه علَم من أعلام النبوة في إجابة الله دعاء نبيه - عليه الصلاة والسلام - عقبه أو معه ابتداء في الاستسقاء وانتهاء في الاستصحاء، وفيه الأدب في الدعاء؛ حيث لم يدعُ برفع المطر مطلقًا؛ لاحتمال الاحتياج إلى استمراره فاحترز فيه بما يقتضي دفع الضرر وإبقاء النفع.

ويستنبط منه أن مَن أنعم الله عليه بنعمة لا ينبغي له أن يتسخَّطها لعارض يعرض فيها، بل يسأل الله رفع ذلك العارض وإبقاء النعمة، وفيه أن الدعاء برفع الضرر لا ينافي التوكُّل وإن كان مقام الأفضل التفويض؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان عالمًا بما

وقع لهم من الجدب وأخر السؤال في ذلك تفويضًا لربه، ثم أجابهم إلى الدعاء لما سألوه في ذلك بيانًا للجواز وتقريرًا لسنة هذه العبادة الخاصة، انتهى.

وقال البخاري: "باب رفع الناس أيديهم مع الإمام في الاستسقاء"، وساق حديث أنس قال: "أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة فقال: يا رسول الله، هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون، قال: فما خرجنا من المسجد حتى مُطِرنا، فما زلنا نمطر حتى كانت الجمعة الأخرى، فأتى الرجل إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول، بَشِق المسافر ومنع الطريق ... الحديث.

قوله: "بَشِق"، بفتح الموحدة وكسر المعجمة بعدها قاف؛ أي: ملَّ واشتدَّ عليه الضرر، والله أعلم.

* * *

[باب صلاة الخوف]

الحديث الأول

عن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - قال: "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف في بعض أيامه التي لقي

<<  <   >  >>