قوله:((أتجد شاة)) ، فقلت: لا، قال ابن عبد البر: فيه الإشارة إلى ترجيح الترتيب لا إيجابه.
قوله:((فصُمْ ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)) ؛ أي: من كل شيء، ولأحمد:((لكل مسكين نصف صاع من طعام)) .
قوله:"نزلت في خاصة وهي لكم عامة"، في رواية عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة:"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رآه وأنه يسقط على وجهه، فقال:((أيؤذيك هوامك؟)) ، قال: نعم، فأمره أن يحلق وهو بالحديبية، ولم يتبيَّن لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة، فأنزل الله الفدية، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطعم فرقًا بين ستة، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام"، قال الحافظ: والصيام المطلق في الآية مقيد بما ثبت في الحديث بالثلاثة.
قال ابن التين وغيره: جعل الشارع هنا صوم يوم معادلاً بصاع.
وفي الفطر في رمضان عدل مُدٍّ، وكذا في الظهار والجماع رمضان، وفي كفارة اليمين بثلاثة أمداد وثلث، وفي ذلك أقوى دليل على أن القياس لا يدخل في الحدود والتقديرات.
قال: وفي حديث كعب بن عجرة من الفوائد أن السنة مبيِّنة لمجمل الكتاب لإطلاق الفدية في القرآن وتقييدها بالسنَّة، وتحريم حلق الرأس على المحرم، والرخصة له في حلقه إذا آذَاه القمل أو غيره من الأوجاع، وفيه تلطُّف الكبير
بأصحابه وعنايته بأحوالهم وتفقُّده لهم، وإذا رأى ببعض أتباعه ضررًا سأل عنه وأرشده إلى المخرج منه، انتهى.
واستدلَّ به على أن الفدية لا يتعيِّن لها مكان، وبه قال أكثر التابعين.
قال الموفَّق: وكلُّ هدى أو إطعام فهو لمساكين الحرم إذا قدر على إيصاله إليهم إلا فدية الأذى واللبس ونحوهما إذا وجد سببها في الحلِّ فيفرقها حيث وجد سببها، ودم الإحصار يخرجه حيث أحصر، وأمَّا الصيام فيجزيه بكل مكان، انتهى، والله أعلم.
* * *
[باب حرمة مكة]
الحديث الأول
عن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي العدوي - رضي الله عنه - أنه