عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء)) .
(النكاح) في الشرع: عقد التزويج، والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - تعالى -: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}[النساء: ٣] ، وقال - تعالى -: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}[النور: ٣٢] ، وهو في اللغة: الضم والتداخل، قال الفارسي: إذا قالوا: نكح فلانة أو بنت فلان فالمراد العقد وإذا قالوا: نكح زوجته فالمراد الوطْء.
قوله:((يا معشر الشباب)) (المعشر) جماعة يشملهم وصف، و (الشباب) : جمع شاب، وهو اسم لِمَن بلغ حتى يكمل ثلاثين، ثم هي كهل إلى أن يجاوز الأربعين ثم شيخ.
قوله:((مَن استطاع منكم البَاءَة فليتزوج)) ، المراد بالباءة هنا القدرة على مُؤَن النكاح، وهو في اللغة الجماع؛ أي: مَن استطاع منكم مؤنة النكاح فليتزوَّج، ومَن لم يستطع فليصم لدفع شهوته، والوجاء رضُّ الأنثيين، والإخصاء: سلهما، وإطلاق الوجاء على الصيام من مجاز المشابهة.
وفي الحديث إرشاد العاجز عن مُؤَن النكاح إلى الصوم؛ لأن شهوة الجماعة تابعة لشهوة الأكل، تقوَى بقوة الأكل وتضعف بضعفه، وفيه الحثُّ على غض البصر وتحصين الفرج بكلِّ ممكن، وعدم التكليف بغير المستطاع.