فلقيناه بعين التمر، فرأيته يصلي على حمار ووجه من ذا الجانب - يعني: عن يسار القبلة - فقلت: رأيتك تصلي لغير القبلة؟ فقال: لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله ما فعلته".
فيه دليلٌ على جواز الصلاة على الحمار.
قال ابن دقيق العيد: يُؤخَذ من هذا الحديث طهارة عرق الحمار؛ لأن ملابسته مع التحرُّز منه متعذِّرة، لا سيَّما إذا طال الزمان في ركوبه واحتمل العرق.
قال الحافظ: وفي هذا الحديث من الفوائد أن مَن صلَّى على موضع فيه نجاسة لا يباشرها بشيء منه أن صلاته صحيحة؛ لأن الدابة لا تخلو من نجاسة ولو على منفذها، وفيه الرجوع إلى أفعاله - صلى الله عليه وسلم - كالرجوع إلى أقواله من غير عرضة للاعتراض عليه، وفيه تلقِّي المسافر، وسؤال التلميذ شيخَه عن مستند فعله، والجواب بالدليل، وفيه التلطُّف في السؤال والعمل بالإشارة؛ لقوله: "من ذا الجانب"، انتهى.
تتمَّة:
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) .
وعن عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - قال: "كنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة فأشكلت علينا القبلة فصلَّينا فلمَّا طلعت الشمس إذا نحن صلينا إلى غير القبلة فنزلت:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: ١١٥] "؛ رواهما الترمذي.
* * *
[باب الصفوف]
الحديث الأول
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة)) .