قال الحافظ: في تقريره - صلى الله عليه وسلم - للعباس على ذلك دليلٌ على جواز تخصيص العام.
وقال الطبري: ساغَ للعباس أن يستثنى الإذخر؛ لأنه احتمل عنده أن يكون المراد بتحريم مكة تحريم القتال دون ما ذكر من تحريم الإختلاء فإنه من تحريم الرسول باجتهاده، فساغ له أن يسأله استثناء الإذخر.
وقال ابن المنير: الحق أن سؤال العباس كان على معنى الضراعة، وترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - كان تبليغًا عن الله إمَّا بطريق الإلهام أو بطريق الوحي.
قال الحافظ: وفي الحديث بيان خصوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ذكر في الحديث، وجواز مراجعة العالم في المصالح الشرعية، والمبادرة إلى ذلك في المجامع والمشاهد، وعظيم منزلة العباس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنايته بأمر مكة؛ لكونه كان بها أصله ومنشؤه، وفيه رفع وجوب الهجرة من مكة إلى المدينة وإبقاء حكمها من بلاد الكفر إلى يوم القيامة، وأن الجهاد يشترط أن يقصد به الإخلاص، ووجوب النفير مع الأئمة.
* * *
[باب ما يجوز قتله]
الحديث الأول
عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((خمسٌ من الدواب كلهن فواسق يُقتَلن في الحرم: الغراب، والحِدَأَة، العقرب، والفأرة، والكلب العقور)) ، ولمسلم:((خمس فواسق يُقتَلن في الحل والحرم)) .
قوله:((خمس من الدواب كلهن فواسق يُقتَلن في الحرم)) ، وفي حديث ابن عمر:((خمسٌ من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح)) .