في هذا الحديث استحباب الغسل بالصاع اقتداءً بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ بالمُدِّ ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد"؛ متفق عليه.
وفي الحديث ما كان عليه السلف من الاحتجاج بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - والانقياد إلى ذلك، وفيه جواز الردِّ بعنف على مَن يُمارِي بغير علم، وتحذير السامعين من مثل ذلك، وفيه كراهية التنطُّع والإسراف في الماء.
قوله:((ثم أمَّنا في ثوب)) ؛ يعني: صلَّى بنا في إزار بغير رداء، وقد روى البخاري ومسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كان الثوب واسعًا فالتحف به)) ؛ يعني: في الصلاة.
ولمسلم:((فخالِف بين طرفيه، وإن كان ضيقًا فاتَّزر به)) .
* * *
[باب التيمم]
الحديث الأول
عن عمران بن حصين - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً معتزلاً لم يصلِّ في القوم، فقال:((يا فلان، ما منعك أن تصلي في القوم؟)) ، فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء، فقال:((عليك بالصعيد فإنه يكفيك)) .
(التيمم) في اللغة: القصد، وفي الشرع: مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد؛ والأصل فيه قوله - تعالى -: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ}[النساء: ٤٣] .
وفي الحديث سؤال العالم عن الفعل المحتمل ليوضح وجه الصواب، وفيه التحريض على الصلاة في الجماعة، وفيه حسن الملاطفة والرفق في الإنكار.
قوله:((عليك بالصعيد فإنه يكفيك)) يدلُّ على أن المتيمِّم لا يلزمه القضاء.