به نسيئة ما لم تكن حاجة، والتحقيق في عقود الربا إذا لم يحصل فيها القبض أن لا عقد، والكيمياء باطلة محرَّمة، وتحريمها أشدُّ من تحريم الربا، ولا يجوز بيع الكتب التي تشتمل على معرفة صناعتها، وأفتى بعض ولاة الأمور بإتلافها، ويجوز قرض الخبز وردُّ مثله عددًا بلا وزن من غير قد الزيادة، وهو مذهب أحمد، ولو أقرضه في بلد آخر جاز على الصحيح، ويجوز قرض المنافع مثل أن يحصد معه يومًا، ويحصد معه الآخر يومًا، أو يسكنه دارًا ليسكنه الآخر بدلها، انتهى، والله أعلم.
* * *
[باب الرهن وغيره]
الحديث الأول
عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعامًا ورهنه درعًا من حديد".
(الرهن) : هو المال الذي يُجعَل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذَّر استيفاؤه من الغريم، وهو جائزٌ بالكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - تعالى -: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}[البقرة: ٢٨٣] .
قال الحافظ: وإنما قيَّده بالسفر لأنه مظنَّة فَقْدِ الكاتب فأخرجه مخرَج الغالب، قال: وفي الحديث جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامل فيه، وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم، واستنبط منه جواز معاملة مَن أكثر ماله حرام، وفيه جواز بيع السلاح ورهنه وإجارته وغير ذلك من الكافر ما لم يكن حربيًّا، وفيه ثبوت أملاك أهل الذمة في أيديهم، وجواز الشراء بالثمن المؤجَّل، واتِّخاذ الدروع والعدد وغيرها من آلات الحرب، وأنه غير قادح في التوكُّل، وفيه ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع والزهد في الدنيا والتقلُّل منها مع قدرته عليها، والكرم الذي أفضى به إلى عدم