الادِّخار حتى احتاج إلى رهن درع والصبر على ضيق العيش والقناعة باليسير، وفيه فضيلة لأزواجه لصبرهن معه على ذلك.
قال العلماء: الحكمة في عدوله - صلى الله عليه وسلم - عن معاملة مياسير الصحابة إلى معاملة اليهود إمَّا لبيان الجواز، أو لأنهم لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل عن حاجة غيرهم، أو خشي أنهم لا يأخذون منه ثمنًا أو عوضًا فلم يرد التضييق عليهم، والله أعلم.
وفي الحديث الردُّ على مَن قال: إن الرهن في السلم لا يجوز، انتهى.
وقال مالك: يلزم الرهن بمجرَّد العقد قبل القبض؛ لأنه عقد يلزم بالقبض فلزم قبله كالبيع وهو روايةٌ عن أحمد.
قال الزجاج في قول الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة: ١] : أي: العقود التي عقد الله عليكم وعقدتم بعضكم على بعض، والله أعلم.
* * *
الحديث الثاني
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((مطل الغني ظلم، إذا أُتبِع أحدكم على مَلْْءٍ فليَتْبع)) .
(المطل) : المدافعة، والمراد تأخير ما استحقَّ أداؤه بغير عذر.
قوله:((وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع)) ؛ أي: إذا أُحِيل فليحتل، قال الحافظ: ومناسبة هذه الجملة للتي قبلها أنه لمَّا دلَّ على أن مطل الغني ظلم عقبه بأنه ينبغي قبول الحوالة على المليء؛ لما في قبولها من دفع الظلم الحاصل بالمطل، فإنه قد تكون مطالبة المحال عليه سهلة على المحتال دون المحيل، ففي قبول الحوالة إعانة على كفِّه عن الظلم.
وفي الحدث الزجر عن المطل، واختُلِف هل يُعَدُّ فعله عمدًا كبيرة أم لا؟ فالجمهور على أن فاعله يفسق، لكن هل يثبت فسقه بمطله مرَّة واحدة أم لا؟ قال: ويدخل في المطل كلُّ مَن لزمه حقٌّ؛ كالزوج لزوجته، والسيد لعبده، والحاكم لرعيته وبالعكس، واستدلَّ به على أن العاجز عن الأداء لا يدخل في الظلم وهو بطريق