لقوله الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢] إلى قوله {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣] ، قال في "الاختيارات": ويصحُّ السَّلَم حالاً إن كان المسلم فيه موجودًا في ملكه وإلاَّ فلا، ويجوز بيع الدَّين في الذمَّة من الغريم وغيره ولا فرق بين دين السلم وغيره، وهو رواية عن أحمد، وقاله ابن عباس، لكنَّه بقدر القيمة فقط لئلاَّ يربح فيما لم يضمن، وقال أيضًا: ويصحُّ الصلح عن المؤجَّل ببعضه حالاً وهو روايةٌ عن أحمد وحكى قولاً للشافعي، انتهى، والله أعلم.
* * *
[باب الشروط في البيع]
الحديث الأول
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواقٍ في كلِّ عام أوقية، فأعينيني، فقالت: إنْ أحبَّ أهلك أن أعدَّها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقالت إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لِمَن أعتق)) ، ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:((أما بعد، فما بالُ رجالٍ يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لِمَن أعتق)) .