الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفرًا ويقولون: إذا برأ الدبر وعفا الأثر وانسلخ صفر حلَّت العمرة لِمَن اعتمر، فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه صبيحة رابعة مهلِّين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظَم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله، أي الحل؟ قال:((حل كله)) .
قال الحافظ: وفي الحديث من الفوائد جواز نسخ القرآن بالقرآن ولا خلاف فيه، ونسخه بالسنة، وفيه اختلاف شهير، ووجه الدلالة منه قوله:"ولم ينهَ عنها" رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن مفهومه أنه لو نهى عنها لامتنعت، ويستلزم رفع الحكم، ومقتضاه جواز النسخ، وقد يُؤخَذ منه أن الإجماع لا يُنسَخ به؛ لكونه حصَر وجوه المنع في نزولِ آيةٍ أو نهيٍّ من النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه وقع الاجتهاد في الأحكام بين الصحابة، وإنكار بعض المجتهدين على بعض بالنص، والله الموفق.
[باب الهدي]
الحديث الأول
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"فتلت قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم أشعَرَها وقلَّدها أو قلَّدتها، ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان له حلالاً".
* * *
الحديث الثاني
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة غنمًا".