قال الحافظ: وفي الحديث ما كان عليه الصحابة من التواضع وإنصاف بعضهم بعضًا، ومعرفة أحدهم حقَّ الآخر، واستظهار العالم في الفتيا بنظيره في العلم.
* * *
الحديث الخامس
عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواءً بسواءٍ، وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا، قال: فسأله رجلٌ فقال: يدًا بيدٍ؟ فقال: هكذا سمعت".
قال الحافظ: اشتراط القبض في الصرف متَّفق عليه، واستدلَّ به على بيع الربويات بعضها ببعض إذا كان يدًا بيد، وأصرح منه حديث عبادة بن الصامت:((فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد)) ، انتهى.
وقال ابن دقيق العيد: قوله: "ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا" بالنسبة إلى التفاضل والتساوي، لا إلى الحلول أو التأجيل، انتهى.
تتمَّة:
قال في "الاختيارات": العلة في تحريم ربا الفضل الكيل أو الوزن مع الطعم وهو رواية عن أحمد، ويحرم بيع اللحم بحيوان من جنسه مقصود اللحم، ويجوز بيع الموزونات الربوية بالتحرِّي وقاله مالك: وما لا يختلف فيه الكيل والوزن مثل الأدهان يجوز بيع بعض ببعض كيلاً ووزنًا، وظاهر مذهب أحمد جواز بيع السيف المحلَّى بجنس حليته؛ لأن الحلية ليست بمقصودة، ولا يُشتَرَط الحلول والتقابض في صرف الفلوس النافقة بأحد النقدين وهو رواية عن أحمد، وإن اصطَرَفَا دينًا في ذمَّتهما جاز، ومَن باع ربويًّا نسيئة حرم أخذه عن ثمنه ما لا يباع