الرسول - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من زبيب، فلمَّا جاء معاوية
وجاءت السمراء قال: أرى مُدًّا من هذه يعدل مدين، قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.
فيه دليل على مشروعية إخراج زكاة الفطر صاعًا من هذه الأجناس المنصوص عليها، واستدلَّ به على أنه لا يجزئ غير الأصناف المذكورة مع قدرته على تحصيلها.
وقال أكثر العلماء: يجزئ قوت بلده مثل الأرز وغيره وهو رواية عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيميَّة، واحتجَّ بقوله - تعالى -: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}[المائدة: ٨٩] .
قوله:"صاعًا من طعام" قال الحافظ: المراد بالطعام في حديث أبي سعيد غير الحنطة، فيحتمل أن تكون الذرة فإنه المعروف عند أهل الحجاز الآن، وقد روى الجوزقي في حديث أبي سعيد "صاعًا من تمر صاعًا من سلت أو ذرة"، انتهى.
قوله:"فلمَّا جاء معاوية وجاءت السمراء ... " إلى آخره، قال النووي: تمسَّك بحديث معاوية مَن قال بالمدَّين من الحنطة، وفيه نظر؛ لأنه فِعْلُ صحابي، وقد خالَفَه فيه أبو سعيد وغيره من الصحابة ممَّن هو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد صرَّح معاوية بأنه رأيٌ رآه لا أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال البيهقي: وقد وردت أخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صاع من بر، ووردت أخبار في نصف صاع ولا يصح شيء من ذلك، انتهى.
قال الحافظ: وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدَّة الاتِّباع والتمسُّك بالآثار وترك العدول إلى الاجتهاد مع وجود النص، وفي صنيع معاوية وموافقة الناس له دلالة على جواز الاجتهاد وهو محمود، لكنَّه مع وجود النص فاسد الاعتبار انتهى، والله أعلم.