الأواخر من رمضان، فتحدَّثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - معها يقلبها حتى إذا بلغ باب المسجد عند باب أم سلمة ... ثم ذكره بمعناه.
فيه دليلٌ على جواز زيارة المرأة للمعتكِف، وجواز التحدُّث معه، والمشي مع الزائر.
قولها:"يقلبني"؛ أي: يردُّها إلى منزلها.
قال الحافظ: وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكِف بالأمور المباحة؛ من تشييع زائره، والقيام معه، والحديث مع غيره، وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة، وزيارة المرأة للمعتكف، وبيان شفَقَتِه - صلى الله عليه وسلم - على أمته، وإرشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم، وفيه التحرُّز من التعرُّض لسوء الظن، والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار.
قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكِّد في حق العلماء ومَن يقتدي به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلاً يوجِب سوء الظن بهم وإن كان لهم فيه مخلص؛ لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع يعلمهم، ومن ثَمَّ قال بعض العلماء: ينبغي للحاكم أن يبيِّن للمحكوم عليه وجهَ الحكم إذا كان خافيًا؛ نفيًا للتهمة، ومن هنا يظهر خطأ مَن يتظاهر بمظاهر السوء ويعتذر بأنه يجرِّب بذلك على نفسه، وقد عَظُم البلاء بهذا الصنف، والله أعلم.
وفيه إضافة بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهن، وفيه جواز خروج المرأة ليلاً، وفيه قول: سبحان الله عند التعجُّب، وقد وقعت في الحديث لتعظيم الأمر وتهويله وللحياء من ذكره كما في حديث أم سليم، انتهى وبالله التوفيق.