عليه وسلم - يخطب بعرفات:((مَن لم يجد نعلَين فليلبس الخفَّين، ومَن لم يجد إزارًا فليلبس السراويل)) .
قوله:"أن رجلاً قال: يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يلبس القُمُص ... )) إلى آخره"، قال النووي، قال العلماء: هذا الجواب من بديع الكلام وأجزله؛ لأن ما لا يلبس منحصِر فحصَل التصريح به، وأمَّا الملبوس الجائز فغير منحصِر، فقال: لا يلبس كذا؛ أي: ويلبس ما سواه، انتهى.
قال عياض: أجمع المسلمون على أن ما ذكر في هذا الحديث لا يلبسه المحرم، وأنه نبَّه بالقميص والسراويل على كلِّ مَخِيط، وبالعمائم والبرانس على كلِّ ما يغطِّي الرأس بهم خيطًا أو غيره، وبالخفاف على كلِّ ما يستر الرجل.
قال الحافظ: والمراد بتحريم المَخِيط ما يلبس على الموضع الذي جعل له ولو في بعض البدن، فأمَّا لو ارتدى بالقميص مثلاً فلا بأس.
وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن للمرأة لبس جميع ما ذكر، وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسَّه الزعفران أو الوَرْسُ.
قال الحافظ: ومما لا يضرُّ الانغماس في الماء، فإنه لا يسمى لابسًا، وكذا ستر الرأس باليد.
قوله:((إلا مَن لا يجد نعلين فليلبس خفَّين)) ، وفي رواية:((وليُحرِم أحدكم في إزار ورداء ونعلَين، فإن لم يجد نعلين فليلبس الخفَّين)) .
قوله:((وليقطعهما من أسفل الكعبين)) ، وفي رواية:((حتى يكونا تحت الكعبين)) ، قال الحافظ: والمراد كشف الكعبين في الإحرام وهما العظمان الناتئان عند مِفْصَل الساق والقدَم، وظاهر الحديث على أنه لا فدية على مَن لبسهما إذا لم يجد النعلين، واستدلَّ به على اشتراط القطع، خلافًا للمشهور عن أحمد؛ فإنه أجاز لبس الخفين من غير قطع لإطلاق حديث ابن عباس، وتُعُقِّب بأنه موافق على قاعدة حمل المطلق على المقيَّد فينبغي أن يقول بها هنا.
وقال الشافعي: زيادة ابن عمر لا تخالف ابن عباس؛ لاحتمال أن تكون عزَبَت عنه، أو شك، أو قالها فلم ينقلها عنه بعض رواته، انتهى.
وقال الموفق: حديث ابن عمر متضمِّن لزيادةٍ على حديث ابن عباس والزيادة من الثقة مقبولة، والأَوْلَى قطعهما؛ عملاً بالحديث الصحيح وخروجًا من الخلاف وأخذًا بالاحتياط، انتهى.