عليه وسلم - بالإهلال لِمَن أراد الحج أو العمرة ولم يذكر الحطابين وغيرهم"، وذكر حديث ابن عباس في المواقيت وحديث الباب، واستدلَّ بالحديث على أنه - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة عنوة.
قال الحافظ: وفيه مشروعية لبس المِغْفَر وغيره من آلات السلاح حال الخوف من العدو، وأنه لا ينافي التوكُّل، وفيه جواز رفع أخبار أهل الفساد إلى ولاة الأمر، ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة ولا النميمة.
* * *
الحديث الثاني
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء وخرج من الثنية السفلى".
قوله: "دخل مكة من كداء من الثنية العليا" وفي حديث عروة عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عام الفتح من كداء أعلى مكة"، قال عروة: وكان هشام يدخل على كلتيهما من كداء وكدا وأكثر ما يدخل من كدا، وكانت أقربهما إلى منزله.
قال الحافظ: كداء هي الثنية التي ينزل منها إلى المعلى مقبرة أهل مكة، وهي التي يقال لها: الحجون، وكدا عند باب شبيكة بقرب شعب الشاميين من ناحية قعيقعان.
واختلف في المعنى الذي لأجله خالَف - صلى الله عليه وسلم - بين طريقيه؛ فقيل: الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان، وعكسه الإشارة إلى فراقه، وقيل: ليشهد له الطريقان، وقيل: لأنه - صلى الله عليه وسلم - خرج منها مختفيًا في الهجرة فأراد أن يدخلها ظاهرًا عاليًا، وقيل: لأن مَن جاء من تلك الجهة كان مستقبِلاً للبيت، ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمرَّ على ذلك، والسبب في ذلك قول أبي سفيان بن حرب للعباس: لا أسلم