فإذا مرُّوا بين الركنين اليمانيين مشوا على هيئتهم كما هو بيِّن في حديث ابن عباس، ولما رملوا في حجة الوداع أسرعوا في جميع كلِّ طوفة فكانت سنة مستقلَّة.
قال الموفق: ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرًا، أو طواف القدوم إن كان مفردًا أو قارنًا، ويطوف سبعًا يرمل في الثلاثة الأولى منها وهو إسراع المشي مع تقارب الخُطَا ولا يثب وثبًا ويمشي أربعًا، انتهى.
قال الحافظ: لا يشرع تدارك الرَّمَل، فلو تركه في الثلاث لم يقضه في الأربع؛ لأن هيئتها السكينة فلا تغير، ويختصُّ بالرجال فلا رَمَل على النساء، ويختصُّ بطواف يعقبه سعي على المشهور، ولا فرق في استحبابه بين ماشٍ وراكب، ولا دم بتركه عند الجمهور.
* * *
الحديث السابع
عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال:"طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على بعيرٍ يستلم الركن بمحجن".
(المحجن) : عصى محنية الرأس، وفي رواية لمسلم:"يستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن".
وله من حديث ابن عمر: أنه استلم الحجر بيده ثم قبله، ورفع ذلك، قال الحافظ: وبهذا قال الجمهور إن السنة أن يستلم الركن ويقبِّل يده، فإن لم يستطع
أن يستلمه بيده استلَمَه بشيء في يده وقبَّل ذلك الشيء، فإن لم يستطع أشار إليه واكتفى بذلك، انتهى.
وقال البخاري: باب المريض يطوف راكبًا؛ وأورد فيه حديث ابن عباس، وحديث أم سلمة قالت:"شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني اشتكي، قال:((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)) ، فطفت ورسول الله يصلي إلى البيت يقرأ بالطور وكتاب مسطور".
قال ابن بطال: في هذا الحديث جواز دخول الدواب التي يُؤكَل لحمها المسجد إذا احتيج إلى ذلك؛ لأن بولها لا ينجسه بخلاف غيرها من الدواب.