الأيسر، ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة، ثم يدفع به، فإذا قدم غداة النحر نحره.
وعن نافع عن ابن عمر:"كان إذا طعن في سنام هديه بالشفرة قال: بسم الله الله أكبر".
قال الحافظ: وفي الحديث مشروعية الإشعار، وفائدته الإعلام بأنها صارت هديًا ليتبعها مَن يحتاج إلى ذلك، وحتى لو اختلطت بغيرها تميَّزت أو ضلَّت عرفت أو عطبت عرفها المساكين بالعلامة فأكلوها، مع ما في ذلك من تعظيم شعائر الشرع وحث الغير عليه.
وقال ابن دقيق العيد: في الحديث دليلٌ على استحباب بعث الهدي من البلاد لِمَن لا يسافر بها معه، وفيه دليلٌ على استحباب تقليده للهدي، وإشعاره من بلده بخلاف ما إذا سافر مع الهدي فإنه يؤخِّر الإشعار إلى حين الإحرام، وفيه دليلٌ
على استحباب الإشعار في الجملة خلافًا لِمَن أنكره، وهو شق صفحة السنام طولاً وسلت الدم عنه.
واختلف الفقهاء هل يكون في الأيمن أو الأيسر، ومَن أنكره قال: إنه مثلة، والعمل بالسنة أَوْلَى، وفيه دليلٌ على أن مَن بعث بهدي لا يحرم عليه محظورات الإحرام، وفيه دليلٌ على استحباب فتل القلائد، انتهى.
قال الحافظ: وفي الحديث من الفوائد تناولُ الكبير الشيء بنفسه وإن كان له مَن يكفيه إذا كان مما يهتم به، ولا سيما ما كان من إقامة الشرائع وأمور الديانة، وأن الأصل في أفعاله - صلى الله عليه وسلم - التأسِّي به حتى تثبت الخصوصية.
قولها:"أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة غنمًا"، وفي رواية:"كنت أفتل القلائد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالاً"، وفي رواية:"كنت أفتل قلائد الغنم للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيبعث بها ثم يمكث حلالاً"، وفي رواية:"فتلت قلائدها من عهن كان عندي"، قال الحافظ، قال ابن المنذر: أنكر مالك وأصحاب الرأي تقليدها، زاد غيره: وكأنهم لم يبلغهم الحديث، ولم نجد لهم حجة إلا قول بعضهم: إنها تضعف عن التقليد، وهي حجة ضعيفة؛ لأن المقصود من التقليد العلامة، وقد اتَّفقوا على أنها لا تشعر لأنها تضعف عنه فتقليدها لا يضعفها انتهى، والله أعلم.