للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ((اخرجوا)) ، وفي لفظ: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عَقْرَى حَلْقَى، أفاضت يوم النحر؟)) ، قيل: نعم، قال: ((فانفري)) .

قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((عَقْرَى حَلْقَى)) ؛ أي: عقرها الله وحلق شعرها، والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الأمر به، كما قالوا: قاتَلَه الله، وترِبت يداه، ونحو ذلك.

قوله: ((أحابستنا هي؟)) قال الحافظ: أي: مانعتنا من التوجُّه من مكة في الوقت الذي أردنا التوجُّه فيه ظنًّا منه - صلى الله عليه وسلم - أنها ما طافت طواف الإفاضة، وإنما قال ذلك لأنه كان لا يتركها ويتوجَّه، ولا يأمرها بالتوجُّه معه وهي باقية على إحرامها، فيحتاج إلى أن يقيم حتى تطهر وتطوف وتحل الحل الثاني.

قوله: ((أفاضت يوم النحر؟)) ، قيل: نعم، قال: ((فانفري)) قال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء بالأمصار: ليس على الحائض التي قد أفاضت طواف وداع، انتهى.

وعن عكرمة: "أن أهل المدينة سألوا ابن عباس - رضي الله عنهما - عن امرأة طافت ثم حاضت، قال لهم: تنفر، قالوا: لا نأخذ بقولك وندع قول زيد، قال: إذا قدمتم المدينة فسلوا، فقدموا المدينة فسألوا: فكان فيمَن سألوا أم سليم، فذكرت حديث صفية"؛ متفق عليه.

قال الحافظ: وفي الحديث أن طواف الإفاضة ركن، وأن الطهارة شرطٌ لصحة الطواف، وأن طواف الوداع واجب، وقد ذكر مالك في "الموطأ": أنه يلزم الجمال أن يحبس لها؛ أي: لِمَن لم تَطُفْ طواف الإفاضة إلى انقضاء أكثر مُدَّة

الحيض، وكذا على النفساء، واستشكله ابن المواز بأن فيها تعريضًا للفساد كقطع الطريق، وأجاب عياض بأن محلَّ ذلك مع أمن الطريق، كما أن محلَّه أن يكون مع المرأة محرم، انتهى.

وقال ابن مفلح في "الفروع": ويلزم الناس في الأصحِّ وجزَم به ابن شهاب انتظارها إن أمكن، ونقل المروذي في المريض ببلد العدو يقيمون عليه، قال: لا ينبغي للوالي أن يقيم عليه، انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: والمحصَر بمرض أو ذهاب نفقة كالمحصَر بعدوٍّ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ومثله حائض تعذَّر مقامها وحرم طوافها أو رجعت ولم تَطُفْ لجهلها بوجوب طواف الزيارة، أو لعجزها

<<  <   >  >>