للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًّا وهو بالأبواء أو بوَدَّانَ فردَّه عليه، فلمَّا رأى ما في وجهه قال: ((إنا لم نردَّه عليك إلا أنا حرم)) ، وفي لفظ لمسلم: "رجل حمار"، وفي لفظ: "شق حمار"، وفي لفظ: "عجز حمار".

قال الشافعي في "الأم": إن كان الصعب أهدى له حمارًا حيًّا، فليس للمحرم أن يذبح حمار وحش حي، وإن كان أهدى له لحمًا، فقد يحتمل أن يكون أنه صيد له.

قوله: "فلمَّا رأى ما في وجهه"؛ أي: من الكراهية، وفي رواية: "فلمَّا عرف في وجهي رده هديتي".

قوله: قال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) ، في رواية: ((لولا أنا مُحرِمون لقبلناه منك)) .

قوله: وفي لفظٍ لمسلم: "رجل حمار"، في روايةٍ له أيضًا عن ابن عباس قال: "قدم زيد بن أرقم فقال له عبد الله بن عباس يستذكره كيف: أخبرني عن لحم صيد أُهدِي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو حرام قال: أهدي له عضو من لحم صيد فرده وقال: ((إنا لا نأكله، إنا حرم)) ، قال الحافظ: جمع الجمهور بين ما اختلف من ذلك بأن أحاديث القبول محمولة على ما يصيده الحلال لنفسه ثم يهدي منه للمحرم، وأحاديث الرد محمولة على ما صاده الحلال لأجل المحرم، قالوا: والسبب في الاقتصار على الإحرام عند الاعتذار للصعب أن الصيد لا يحرم على المرء إذا صيد له إلا إذا كان محرمًا، فبيَّن الشرط الأصلي وسكت عمَّا عداه فلم يدلَّ على نفيه، وقد بينه في الأحاديث الأخر، ويؤيِّد هذا الجمع حديث جابر مرفوعًا: ((صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يُصاد لكم)) ؛ أخرجه الترمذي والنسائي وابن خزيمة.

وفي حديث الصعب الحكمُ بالعلامة لقوله: "فلمَّا رأى ما في وجهي"، وفيه جواز رد الهدية لعلَّة، وفيه الاعتذار عن ردِّ الهدية تطييبًا لقلب المهدي، وأن الهبة لا تدخل في الملك إلا بالقبول، وأن قدرته على تملكها لا تصيِّره مالكًا لها، وأن على المحرم أن يرسل ما في يده من الصيد الممتنع عليه اصطياده، والله أعلم، اهـ.

تتمَّة:

قال الموفق: وإن أحرم وفي يده صيد، أو دخل الحرم بصيد لزمه إزالة يده المشاهدة دون الحكمية عنه، فإن لم يفعل فتلف ضَمِنَه، وإن أرسله إنسان

<<  <   >  >>