وقوله:((الذهب بالذهب ربًا إلا هاء وهاء)) الذي في البخاري: ((الذهب بالورق)) ، ورواية مسلم:((الورق بالذهب)) ، ولفظه عن ابن شهاب عن مالك بن أوس: أخبره أنه التمس صرفًا بمائة دينار، فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مِنِّي، فأخذ الذهب يقلِّبها في يده ثم قال: حتى يأتي خازني من الغابة، وعمر يسمع ذلك، فقال: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الذهب بالورق ربًا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربًا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربًا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربًا إلا هاء وهاء)) .
ولمسلم: قال عمر بن الخطاب: كلاَّ والله لتعطينه ورقه أو لتردن إليه ذهبه، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((الورق بالذهب ربًا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربًا إلا هاء وهاء)) ، فذكره.
قال الحافظ: قوله: ((الذهب بالورق ربًا)) قال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك فيه وحمله عنه الحفَّاظ، وكذلك رواه الحفاظ عن ابن عيينة، وشذَّ أبو نعيم عنه فقال:"الذهب بالذهب".
قال الحافظ: الذهب يُطلَق على جميع أنواعه المضروبة وغيرها، والورق الفضة، والمراد هنا جميع أنواع الفضة مضروبة وغير مضروبة، انتهى.
قوله:((إلا هاء وهاء)) ؛ أي: يعطيه ما في يده ويأخذ ما في يد صاحبه، كالحديث الآخر:((إلا يدًا بيد)) ؛ يعني: مقابضة في المجلس.
قوله:((والبُرُّ بالبُرِّ، والشعير بالشعير)) قال الحافظ: واستدلَّ به على أن البر والشعير صنفان وهو قول الجمهور، قال ابن عبد البر: فيه أن النسيئة لا تجوز في بيع الذهب بالورق، وإذا لم يجز فيهما مع تفاضلهما بالنسيئة فأحرى ألا يجوز في الذهب بالذهب وهو جنس واحد، وكذا الورق بالورق، قال الحافظ: وقد نقل ابن عبد البر وغيره الإجماع على هذا الحكم، انتهى.
وروى مسلم عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبُرِّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد)) ، قال النووي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يدًا بيد)) حجة للعلماء كافَّة في وجوب التقابض وإن اختلف الجنس.