قوله:"أعتق صفية وجعل عتقها صداقها" فيه دليلٌ على أن الرجل إذا أعتق أمَتَه على أن يجعل عتقها صداقها أنه يصحُّ العقد والعتق والمهر، قال الترمذي بعد إخراج الحديث: وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها حتى يجعل لها مهرًا سوى العتق، والقول الأول الأصح.
* * *
الحديث الثاني
عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة فقالت: إني وهبت نفسي لك، فقامت قيامًا طويلاً، فقال رجل: يا رسول الله، زوِّجنيها إن لم يكن لك بها حاجة؟ فقال:((هل عندك من شيء تصدقها؟)) ، فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إزارك إن أعطيتها جلست ولا إزار لك، فالتمس شيئًا)) ، قال: ما أجد، قال:((فالتمس ولو خاتمًا من حديدٍ)) ، فالتمس فلم يجد شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هل معك شيء من القرآن)) ، قال: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((زوجتكما بما معك من القرآن)) .
هذه الواهبة غير الواهبة المذكورة في قوله - تعالى -: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[الأحزاب: ٥٠] .
وفي الحديث جواز التزويج بالقرآن لِمَن لم يكن عنده مال، وفيه أنه لا حدَّ لأقلِّ المهر، وفيه أن الإمام يزوج مَن ليس لها وليٌّ خاص إذا رضيت بذلك، وفيه