قوله:"باب الغسل من الجنابة": قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}[النساء: ٤٣] .
قوله:"فانخنست": الانخناس: الانقباض والرجوع، وفي الحديث دليل على طهارة عرق الجنب، وعلى جواز تصرُّفه في حوائجه قبل أن يغتسل، وفيه استحباب الطهارة عند ملابسة الأمور العظيمة، واحترام أهل الفضل وتوقيرهم ومصاحبتهم على أكمل الهيئات، وفيه استحباب استئذان التابع للمتبوع إذا أراد أن يفارقه.
* * *
الحديث الثاني
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم يغتسل، ثم يخلل بيديه شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض الماء عليه ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده".
وكانت تقول:"كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد نغترف منه جميعًا".
اشتمل هذا الحديث والذي بعده على بيان كيفية الغسل من ابتدائه إلى انتهائه.
وفي هذا الحديث البداءة بغسل اليدين، وتقديم الوضوء قبل الاغتسال، وتخليل الشعر، وجواز اغتسال الزوجين جميعًا واغترافهما من إناء واحد، وجواز نظر كلٍّ منهما إلى الآخر وهو عريان.
وروى أبو داود والنسائي عن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل الرجل بفضل المرأة أو المرأة بفضل الرجل وليغترفا جميعًا"، وهذا النهي محمول على التنزيه جمعًا بين الأدلة؛