أشهرٍ وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول، فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت خِفْشًا، ولبست شرَّ ثيابها، ولم تمسَّ طيبًا ولا شيئًا حتى تمرَّ عليها سنة، ثم تؤتى بدابة حمارٍ أو طيرٍ أو شاةٍ فتفتضُّ به، فقلَّما تفتضُّ بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعدما شاءت من طيبٍ أو غيره)) .
قوله:((إلا ثوب عصب)) قال الحافظ: هي برود اليمن يعصب غزلها؛ أي: يربط ثم يصبغ، ثم ينشج معصوبًا، ثم يخرج موشى لبقاء ما عصب به أبيض لم ينصبغ، وإنما يعصب السدي دون اللحمة.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادَّة لبس الثياب المعصفرة ولا المصبغة إلاَّ ما صُبِغ بسواد، فرخَّص فيه مالك والشافعي لكونه لا يتَّخذ للزينة، بل هو من لباس الحزن.
قوله:((ولا تمسُّ طيبًا ولا شيئًا إلا إذا ظهرت نبذة من قسط أو أظفار)) قال النووي: القسط والأظفار نوعان معروفان من البخور، وليسا من مقصود الطيب، رخَّص فيه للمغتسِلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة تتبع به أثر الدم.
قولها:"إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها، أفنكحلها؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا)) " فيه دليل على تحريم الاكتحال على الحادَّة، وفي الموطأ وغيره من حديث أم سلمة:((اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار)) ، وعنها قالت: "دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبرًا، فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب، فقال:((إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وانزعيه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب)) ، قالت: قلت: بأيِّ شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال:((بالدر تغلغلين به رأسك)) ؛ رواه أبو داود والنسائي.
قال الحافظ: ووجه الجمع بين الأحاديث أنها إذا لم تحتج