للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عتبة بن أبي وقاص عهد إليَّ أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله، ولد على فراش أبي من وليدته، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى شبهًا بينًا بعتبة، فقال: هو

لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة، فلم يرَ سودة قطُّ)) .

قال الحافظ: والذي يظهر من سياق القصة أنها كانت أمَة مُستَفْرَشة لزمعة، فاتَّفق أن عتبة زنى بها، وكانت طريقة الجاهلية في مثل ذلك أن السيد إن استلحقه لحقه، وإن نفاه انتفى عنه، وإن ادَّعاه غيره كان مردُّ ذلك إلى السيد أو القافة.

وقد أخرج أبو داود تلو حديث الباب بسند حسن إلى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: "قام رجل فقال: يا رسول الله، إن فلانًا ابني عاهرت بأمه في الجاهلية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الحجر)) .

قوله: ((الولد للفراش)) ؛ أي: سواء كانت المستفرشة حرَّة أو أمَة، ولا تصير الأمَة فراشًا إلا بالوطء، وأمَّا الزوجة فتكون فراشًا بمجرَّد العقد، بشرط الإمكان زمانًا ومكانًا.

قال الموفق: مَن أتت امرأته بولد يمكن كونه منه؛ وهو أن تأتي به بعد ستة أشهر منذ أمكن اجتماعه بها، ولأقل من أربع سنين منذ أبانها، وهو ممَّن يُولَد لمثله - لَحِقَه نسبه.

وقال ابن دقيق العيد: والحديث أصلٌ في إلحاق الولد بصاحب الفراش وإن طرأ عليه وطء محرَّم، وقال الشافعي: هو له ما لم ينفِه، فإذا نفاه بما شرع له كاللعان انتفى عنه.

قوله: ((وللعاهر الحجر)) ؛ أي: للزاني الخيبة والحرمان، وجرت عادة العرب أن تقول لِمَن خاب: له الحجر، وبفيه الحجر والشراب، وأخرج الحاكم في حديث زيد بن أرقم: ((الولد للفراش وفي فم العاهر الحجر)) ، وقيل: المراد بالحجر أنه يُرجَم.

قوله: ((واحتجبي منه يا سودة)) ؛ أي: ابنة زمعة، زوج النبي - صلى الله

<<  <   >  >>