قوله:"قدم ناس من عُكْلٍ أو عُرَينة"، في رواية:"من عُكْلٍ وعُرَينة"، ولأبي عوانة:"كانوا أربعة من عُرَينة وثلاثة من عُكْلٍ"، قال الحافظ: وهما قبيلتان متغايرتان عُكْل من عدنان، وعُرَينة من قحطان: حي من بجيلة، وقدومهم سنة ست.
قوله:"فاجتووا المدينة"؛ أي: استوخموها وعظمت بطونهم، وفي رواية:"فقالوا: يا رسول الله، إنَّا كنَّا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف".
قوله:"فبعث في آثارهم"؛ أي: الطلب، وفي رواية:"أنهم شباب من الأنصار قريبٌ من عشرين رجلاً، وبعث معهم قائفًا يقتص آثارهم".
قوله:"وسمرت أعينهم" وفي رواية: "ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها"، ولمسلم:"إنما سمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاة"، قال قتادة: بلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... }[المائدة: ٣٣] الآية، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنها نزلت فيمَن خرج من المسلمين يسعى في الأرض بالفساد ويقطع الطريق، قال الحافظ: والمعتمد أن الآية نزلت أولاً فيهم، وهي تتناول بعمومها مَن حارب من المسلمين بقطع الطريق، لكن عقوبة الفريقين مختلفة؛ فإن كانوا كفارًا يخيَّر الإمام فيهم إذا ظفر بهم، وإن كانوا مسلمين فعلى قولين: أحدهما وهو قول الشافعي والكوفيين ينظر في الجناية فمَن قتَل قُتِل، ومَن أخذ المال قُطِع، ومَن لم يقتل ولم يأخذ مالاً نُفِي، وجعلوا (أو) للتنويع، وقال مالك: بل هي للتخيير، فيُخَيَّر الإمام في المحارِب المسلم بين الأمور الثلاثة، ورجَّح الطبري الأول، انتهى.
وفي الحديث المماثَلة في القصاص، وفيه دليلٌ على طهارة أبوال الإبل وأبعارها، ويُقاس عليه مأكول اللحم من غيرها، وفيه قدوم الوقود على الإمام ونظره في مصالحهم، وأن كلَّ جسد يطب بما اعتاده، والله أعلم.
* * *
الحديث الثاني
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني - رضي الله عنهما - أنهما قالا: "إن رجلاً من الأعراب أتى