بالسوط، وشذَّ مَن قال هو شرط، وهو غلط منابذ للأحاديث الصحيحة.
قال الحافظ: وتوسَّط بعض المتأخِّرين فعيَّن السوط للمتمرِّدين، وأطراف الثياب والنعال للضعفاء، ومَن عداهم بحسب ما يليق بهم وهو متَّجه، انتهى.
قوله: فقال عبد الرحمن بن عوف: "أخفُّ الحدود ثمانون فأمر به عمر - رضي الله عنه"، قصة عبد الرحمن ذكرها مسلم وغيره ولم يخرجها البخاري، ولكن ذكر
معنى صنيع عمر في حديث السائب بن يزيد قال في آخره:"حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين".
وفي "الموطأ": أن عمر استشار الناس في الخمر فقال له عليُّ بن أبي طالب: نرى أن تجعله ثمانين فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فجعله عمر في الخمر ثمانين.
قال القاضي عياض: أجمعوا على وجوب الحد في الخمر واختلفوا في تقديره؛ فذهب الجمهور إلى الثمانين، وقال الشافعي في المشهور عنه وأحمد في رواية وأبو ثور وداود: أربعين.
* * *
الحديث الثاني
عن أبي بردة هانئ بن نِيَار البلوي - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حدٍّ من حدود الله)) .
اختلف العلماء في المراد بالحدِّ في هذا الحديث؛ فقال بعضهم: المراد بالحدِّ هنا ما ورد فيه من الشارع عدد من الجلد أو عقوبة مخصوصة، وقال بعضهم: المراد به حق الله، قال ابن القيم: المراد بالحدود هنا الحقوق التي هي أوامر الله ونواهيه، وهي المراد بقوله:{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٢٩] ، وفي أخرى:{فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}[الطلاق: ١] ، وقال:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا}[البقرة: ١٨٧] ، وقال:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا}[النساء: ١٤] ، قال: فلا يُزَاد على العشر في التأديبات التي لا تتعلَّق بمعصية كتأديب الأب ولدَه الصغير، اهـ.