وقد جمع بينهما بأن ذكر القليل لا ينفي الكثير وفضل الله واسع، وقيل: السبع مختصَّة بالجهرية والخمس بالسرية؛ لأن في الجهرية الإنصات عند قراءة الإمام والتأمين عند تأمينه.
وفي حديث أبي هريرة إشارة إلى بعض الأسباب المقتضية للدرجات وهو قوله:((وذلك أنه إذا توضَّأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطُ خطوة إلا رُفِعت له بها درجة وحُطَّ عنها بها خطيئة)) ، ومنها الاجتماع والتعاون على الطاعة، والألفة بين الجيران، والسلامة من صفة النفاق
ومن إساءة الظن به، ومنها صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له، وغير ذلك، والله أعلم.
* * *
الحديث الثالث
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمُر بالصلاة فتُقَام، ثم آمر رجلاً فيصلِّي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حِزَم من حطب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)) .
هذا الحديث يدلُّ على وجوب الصلاة في الجماعة، وفيه تقديم التهديد على العقوبة، وسر ذلك أن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزجر اكتفى به عن الأعلى من العقوبة، وفيه جواز أخذ أهل الجرائم على غرَّة، وفيه الرخصة للإمام في ترك الجماعة لمثل ذلك.
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:((لقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتَى به يُهادِي بين الرجلين حتى يُقَام في الصف)) ؛ رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، وقال البخاري:"باب وجوب صلاة الجماعة".
وقال الحسن: إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة عليه لم يطعها وساق الحديث، ولفظه: أن رسول الله -