عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال:"صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد الجمعة وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء"، وفي لفظ:"فأمَّا المغرب والعشاء والفجر والجمعة ففي بيته".
وفي لفظ للبخاري أن ابن عمر قال:"حدثتني حفصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي سجدتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر وكانت ساعة لا أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها".
قوله:"صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر"، في رواية "حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات"، فالمراد بقوله:"مع" التبعية لا التجميع، وهذا الحديث يدلُّ على سنيَّة الرواتب العشر وتأكيدها.
قوله:"فأمَّا المغرب والعشاء والفجر والجمعة ففي بيته" قال الحافظ: والظاهر أن ذلك لم يقع عن عمد، وإنما كان - صلى الله عليه وسلم - يتشاغَل بالناس في النهار غالبًا، وبالليل يكون في بيته غالبًا، انتهى.
قال ابن دقيق العيد: وفي تقديم السنن على الفرائض وتأخيرها عنها معنًى لطيف مناسب، أمَّا في التقديم فلأن الإنسان يشتغل بأمور الدنيا وأسبابها فتتكيَّف النفس في ذلك بحال بعيدة عن حضور القلب في العبادة والخشوع فيها الذي هو روحها، فإذا قدمت السنن على الفريضة تأنَّست النفس بالعبادة وتكيَّفت بحالة تقرِّب من الخشوع فيدخل في الفرائض على حالة حسنة لم تكن تحصل له لو لم تقدم السنة، فإن النفس مجبولة على التكييف بما هي فيه لا سيَّما إذا كثر أو طال، وورود الحالة المنافية لما قبلها قد تمحو أثر الحالة السابقة أو تضعفه، وأمَّا السنن المتأخِّرة فلما ورد أن النوافل جابرة لنقصان الفرائض، فإذا وقع الفرض ناسَب أن يكون بعده ما يجبر خللاً فيه إن وقع.