من جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيدًا.
ويحصل من الأذان الإعلامُ بدخول الوقت والدعاءُ إلى الجماعة، وإظهارُ شعائر الإسلام، والحكمة في اختيار القول له دون الفعل سهولةُ القول وتيسُّره لكل أحد في كل زمان ومكان.
قوله:"أمر بلال"؛ أي: أمره النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
والحديث له قصة، وهي ما رواه البخاري عن ابن عمر: كان المسلمون حين قدِمُوا يجتمعون فيتحيَّنون الصلاة ليس يُنادَى لها، فتكلَّموا يومًا في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقًا مثل قرن
اليهود، فقال عمر: أوَلاَ تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا بلال، قم فنادِ بالصلاة)) .
قوله:"أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة"؛ أي: بألفاظ الأذان شفعًا والإقامة فُرادَى إلا قد قامت الصلاة.
قال ابن عبد البر: ذهب أحمد وإسحاق وداود وابن جرير إلى أن تربيع التكبير الأوَّل في الأذان وتثنيته والترجيع في التشهد وتركه وتثنية الإقامة وإفرادها من الاختلاف المباح، فالجميع جائز، انتهى.
* * *
الحديث الثاني
عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السُّوائي قال:"أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في قُبَّة له حمراء من أدم، قال: فخرج بلال بوضوء فمن ناضح ونائل، قال: فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه حُلَّة حمراء كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضَّأ وأذَّن بلال، قال: فجعلت اتبع فاه ها هنا وها هنا يقول يمينًا وشمالاً: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، ثم ركَّزت له عنزة فتقدَّم وصلَّى الظهر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة".