قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: لا إيثار في القربات، فلا إيثار بماء الطهارة ولا بستر العورة ولا بالصف الأول، والتعليل لأن الغرض بالعبادات التعظيم والإجلال لله سبحانه وتعالى، فمن آثر به غيره فقد ترك إجلال الإله وتعظيمه، فيصير بمثابة من أمره سيده بأمر فتركه، وقال لغيره: قم به، فإن هذا يستقبح عند الناس بتباعده من إجلال الآمر وقربه.
وقد يكون الإيثار في القرب حراماً أو مكروهاً أو خلاف الأولى.
فمثال الإيثار المحرم: إيثار غيره بماء الطهار حيث لا يوجد غيره، أو إيثاره غيره بستر العورة في الصلاة، أو يؤثر غيره بالصف الأولى ويتأخر هو.
ومثال المكروه: أن يقوم رجل عن مجلسه في الصف لغيره، وتأخر، وكان ابن عمر:(إذا قام له رجل عن مجلسه لم يجلس فيه) كما رواه مسلم في صحيحه.
مثال خلاف الأولى: كمن آثر غيره بمكانه الأقرب للإمام في نفس الصف.
والحاصل أن الإيثار إذا أدى إلى ترك واجب فهو حرام كالماء وساتر العورة، وإن أدى إلى ترك سنة أو ارتكاب مكروه فمكروه، أو لارتكاب خلاف الأولى مما ليس فيه نهي مخصوص فخلاف الأولى.
وهذا النوع من الإيثار يعرض فاعله للمعاملة بنقيض مقصوده فيكون مستثنى من القاعدة الكبرى.