كما شرع بيع السلم مع أنه بيع معدوم، وبيع المعدوم باطل، ولكن لحاجة الناس جُوِّز هذا العقد تيسيراً وتسهيلاً.
وكذلك الخطأ في الأفعال والتصرفات يبدل الأحكام العامة المقررة لها في حال العقد، لأن المؤاخذة على الخطأ كالعمد فيه إحراج عظيم على المكلفين.
وقلة عدالة الشهود تسوغ قبول شهادة الأمثل فالأمثل.
[أنواع المشاق والمشقة الميسرة]
المشاق التي يتعرض لها المكلف تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: مشقة في الحدود العادية، وهي المشقة التي لا تنفك عنها العبادة غالباً، ويستلزمها أداء الواجبات والقيام بالمساعي التي تقتضيها الحياة الصالحة، كما لا يمكن انفكاك التلكيفات المشروعة عنها، لأن كل واجب لا يخلو عن مشقة كمشقة العلم واكتساب المعيشة، ومشقة البرد في الوضوء والغسل، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها، ومشقة ألم الحدود ورجم الزناة، وقتل الجناة وقتال البغاة، في حال الصحة والقدرة، فهذه المشقة لا أثر لها في إسقاط العبادات في كل الأوقات، لأن لكل تكليف منها نوع مشقة تستلزمها طبيعته وتختلف بحسبه درجته، وهذا لا ينافي التكليف ولا يوجب التخفيف، لأن التخفيف فيه حينئذ إهمال وتفريط، فأحوال الإنسان كلها كلفة في هذه الدار، ولقد جعل الله له القدرة عليها بحيث تكون تلك التصرفات تحت قهره لا أن يكون هو تحت قهر التصرفات، فكذلك التكاليف.
ولقد رأينا بالدليل أن الشارع الحكيم لم يقصد إلى التكليف بالشاق والإعنات فيه.