هذه القاعدة من أركان الشريعة وتشهد لها نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، وقد سبق ذكر بعض منها، وهي أساس لمنع الفعل الضار وترتيب نتائجه في التعويض المالي والعقوبة، كما أنها سند لمبدأ الاستصلاح في جلب المصالح ودرء المفاسد، وهي عدة الفقهاء وعمدتهم وميزانهم في تقرير الأحكام الشرعية للحوادث.
وعلى هذه القاعدة ينبني كثير من أبواب الفقه: كالرد بالعيب، وجميع أنواع الخيارات والحجر بسائر أنواعه والشفعة، والقصاص، والحدود والكفارات، وضمان المتلفات، والجبر على قسمته المشترك إذا اتحد الجنس، ونصب الأئمة والقضاة، ودفع الصائل، وقتال المشركين والبغاة.
إلى غير ذلك مما في حكمة مشروعيته دفع للضرر (إذ لا ضرر ولا ضرار) .
ونص هذه القاعدة (كما رأينا) ينفي الضرر فيوجب منعه وتحريمه مطلقاً، ويشمل ذلك: الضرر العام والخاص، وأيضاً: دفع الضرر قبل وقوعه بطرق الوقاية الممكنة، كما يشمل أيضاً: رفعه بعد وقوعه بما يمكن من التدابير التي تزيل آثاره وتمنع تكراره.
ومن ثم كان إنزال العقوبات المشروعة بالمجرمين لا ينافي هذه القاعدة وإن ترتب عليها ضرر بهم، لأن فيها عدلاً ودفعاً لضرر أعم وأعظم.