إذا عرفنا أن معاني الضرار مقابلة الضرر بالضرر، فإذاً يكون المقصود بنفي الضرار هنا نفي فكرة التأر بمجرد الانتقام، الفكرة التي تزيد في الضرر وتوسع دائرته.
فالإضرار ولو كان على سبيل المقابلة لا يجوز أن يكون هدفاً مقصوداً، وإنما يلجأ إليه اضطراراً.
فمن أتلف مال غيره مثلاً لا يجوز أن يقابل بإتلاف ماله، لأن في ذلك توسعة للضرر بلا منفعة، وأفضل منه تضمين المتلف قيمة ما أتلف.
وذلك بخلاف الجناية على النفس أو البدن مما شرع فيه القصاص، لأن الجنايات لا يقمعها إلا عقوبة من جنسها.
من فروع هذه القاعدة وأمثلتها:
لو انتهت مدة إجارة الأرض الزراعية قبل أن يستحصد الزرع، تبقى في يد المستأجر بأجر المثل حتى يستحصد؛ منعاً لضرر المستأجر بقلع الزرع قبل أوانه.
إذا كان الملك المشترك بين يتيمين محتاجاً إلى تعمير فأبى أحد الوصيين، وكان في إبائه ضرر على اليتيم، يجبر من قبل الحاكم دفعاً للضرر.
كذلك لو باع ثمر نخل، والمشتري إذا ارتقى ليقطع الثمر يطلع على عورات الجيران، يؤمر بأن يخبرهم وقت الارتقاء ليستتروا مرة أو مرتين، فإن فعل وإلا رفع إلى الحاكم ليمنعه من الارتقاء.
ولو باع شيئاً مما يسرع إليه الفساد كالفواكه مثلاً، وغاب المشتري قبل نقد الثمن وقبض المبيع وخيف فساده، فللبائع أن يفسخ البيع ويبيع من غيره دفعاً للضرر.
ويجوز حبس المشهورين بالدعارة والفساد حتى تظهر توبتهم، ولو لم يثبت عليهم جرم معين بطريق قضائي دفعاً لشرهم.