إن تغير الأوضاع والأحوال الزمنية له تأثير كبير في كثير من الأحكام الشرعية الاجتهادية، لأن ما كان من الأحكام الشرعية مبنياً على عرف الناس وعاداتهم تتغير كيفية العمل بمقتضى الحكم باختلاف العادة عن الزمن السابق.
وأما أصل الحكم الثابت بالنص فلا يتغير، فمثلاً أثبت الشرع خيار الرؤية لمن اشترى شيئاً ولم يره، وهذا ثابت بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:(من اشترى شيئاً لم يره فله الخيار إذا رآه) .
فبناء على هذا الحديث، وقد رأى الفقهاء المتقدمون اعتياد الناس في عصرهم بناء الدور على نسق واحد لا تفاوت بين بيوتها، فقالوا: إن رؤية بيت واحد من الدار يغني عن رؤية الجميع في إسقاط الخيار.
ولكن لما اختلفت طُرُز الإنشاءات وصارت الدار يختلف بعض بيوتها عن بعض بحسب عادتهم أفتى المتأخرون بأنه لا بد من رؤية جميعها، فهذا ليس اختلاف حجة وبرهان، بل اختلاف عصر وزمان.
وكذلك أفتى المتأخرون، من علماء الحنفية بعدم تصديق الزوجة بعد الدخول بها بأنها لم تقبض المشروط تعجيله من المهر، مع أنها منكرة للقبض، والقاعدة إن القول للمنكر مع يمينه، لكنها في العادة لا تسلم نفسها قبل قبضه.