ووجه الدلالة من الآيتين والحديثين أن البينة لو لم تكن حجة وقائمة مقام المعاينة لما أمر الله عز وجل بالاستشهاد، ولما أمر رسوله عليه الصلاة والسلام بالبينة واليمين، ولما قضى عليه الصلاة والسلام بهما، فدل كل ذلك على أن الثابت بالدليل قائم مقام الثابت بالمشاهدة؛ وذلك تيسيراً على العباد وضماناً لعدم ضياع الحقوق لو لم يقبل إلا المعاينة والمشاهدة.
أمثلة على القاعدة:
من قال تكفلت بما لك عليه، بلا تعيين قدر المال، ثم اختلفا فيه فبرهن الطالب على ألف، لزم الكفيل؛ لأن الثابت بالبينة كالثابت معاينته.
وينتج عن كون الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان ثلاث نتائج:
١. أنه لا يقبل من المدعى عليه الإنكار بعد ذلك الثبوت.
٢. وأنه لا يسمع منه بعد القضاء ادعاء بخلاف ما قضي به عليه، إلا بسبب جديد.
٣. وأنه يسري الإثبات بالبينة على غير المقضي عليه بها من ذوي العلاقة الذين تجمعهم وحدة السبب الموجب، فيعتبر الموضوع ثابتاً بالنسبة لهم أيضاً.
فمن شُهِد عليه بإتلاف مال لغيره أو غصبه منه أو سرقته وثبت ذلك بالبينة العادلة وقضى به عليه، فلا يقبل إنكاره بعد ذلك الثبوت، كما لا يقبل منه ادعاء بخلاف ما قضي به عليه، وإذا كان قد باع المغصوب أو المسروق أو وهبه إلى غيره، فيسترد منه بناء على الحكم بثبوت اغتصابه أو سرقته.