إذا أقر إنسان عاقل مكلف بأمر ما، فهل للمُقر له رد الإقرار، أي إنكار ما أقرَّ به المُقِرّ، وهل يترتب على ذلك الرد عدم اعتبار الإقرار وإلغائه؟
المُقَرُّ به لا يخلو أن يكون أحد أمرين:
الأمر الأول: أن يكون مما يحتمل الإبطال والإلغاء، فهو يرتد برد المُقّرِّ ولا يثبت في ذمة المُقِرِّ إلا بإقرار جديد أو بينة.
فمن قال لآخر لك عليَّ ألف درهم، فقال الآخر المقَرُّ له، ليس لي عليك شيء، ثم قال في مجلسه: نعم لي عليك ألف درهم. فلا يقبل قوله بغير حجة أو إقرار جديد، لأن المقر أقر بما يحتمل الإبطال، وهو مستقل بإثبات ما أقر به، أي لا يحتاج إلى تصديق خصمه فيما أقر، وقد رده المقر له فيرتد.
وأما قوله بعد ذلك: نعم لي عليك ألف درهم، غير مفيد لأنه دعوى، فلا بد لها من بينة أو تصديق خصم.
الأمر الثاني: أن يكون المُقَرُّ به مما لا يحتمل الإبطال، كالحرية والرق والطلاق والعتق وولاء العتاقة والوقف والنسب، فهذا لا يرتد بالرد فلو أنكر المُقّرُّ له شيئاً من ذلك لا يعتبر إنكاره رداً للإقرار، ولا يعتبر الإقرار بهذا الرد باطلاً.
فمن أقر بحرية عبد غيره وكذبه المولى فهو في حقه حر ولا يرتد إقراره، حتى لو ملكه بعد ذلك يعتق عليه بإقراره السابق، وقلنا إنه في حقه لأن الإقرار حجة قاصرة.
ولو قال لآخر أنا عبدك، فرده المقر له ثم عاد إلى تصديقه فهو عبده لا يرتد الإقرار