هذه القاعدة تدخل ضمناً في القاعدة السابقة - وإن كانت أخص منها موضوعاً - وهي قاعدة مهمة مبنية على المقاصد الشرعية في مصالح العباد، استخرجها المجتهدون من الإجماع ومعقول النصوص، وتعتبر قيداً لقاعدة (الضرر لا يزال بمثله) التي سبقت.
فالشرع إنما جاء ليحفظ على الناس دينهم وأنفسهم وعقولهم وأنسابهم وأموالهم، فكل ما يؤدي إلى الإخلال بواحد منها فهو مضرة يجب إزالتها ما أمكن، وفي سبيل تأييد مقاصد الشرع يدفع الضرر الأعم بارتكاب الضرر الأخص، ولهذه الحكمة شرع الله حد القطع حماية للأموال، وحد الزنا والقذف صيانة للأعراض، وحد الشرب حفظاً للعقول، والقصاص وقتل المرتد صيانة للأنفس والأديان.
ومن هذا القبيل شرع قتل الساحر المضر، والكافر المضل، لأن أحدهم يفتن الناس والآخر يدعوهم إلى الكفر، فيتحمل الضرر الأخص ويرتكب لدفع الضرر الأعم.
ومن فروع هذه القاعدة وأمثلتها:
جواز الرمي إلى كفار تترسوا بالمسلمين من الأسرى أو الصبيان أو النساء.
ومنها جواز الحجر على المفتي الماجن حرصاً على دين الناس.
والحجر على الطبيب الجاهل حرصاً على أرواح الناس.
والحجر على المكاري المفلس حرصاً على أموالهم وأوقاتهم.