الذي حدث فيه العرف الجديد لقال بخلاف ما قال أولاً، فهذا يعتبر فيه عرف الحادثة ولو خالف حكماً سابقاً مبنياً على عرف مخالف، وهذا مبني على قاعدة (لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان) .
ولهذا قالوا في شروط الاجتهاد: إنه لا بد فيه من معرفة عادات الناس، فكثير من الأحكام يختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله، أو لحدوث ضرورة أو فساد أهل الزمان، بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه أولاً للزم منه المشقة والضرر بالناس، ولخالف قواعد الشريعة المبنية على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد.
ولهذا ترى كثيراً من العلماء خالفوا ما نص عليه المجتهدون في مواضع كثيرة بناء على ما كان في زمنهم، لعلمهم بأنهم لو كانوا في زمنهم لقالوا بما قالوا به أخذاً من قواعد مذهبهم.
أمثلة وفروع على القاعدة:
إفتاؤهم بجواز الاستئجار على تعليم القرآن ونحوه لانقطاع عطاء المعلمين، إذ لو اشغل المعلمون بالتعليم بلا أجرة يلزم ضياعهم وضياع عيالهم، ولو اشتغلوا بالاكتساب من حرفة أو صناعة يلزم ضياع القرآن والدين، فأفتوا بأخذ الأجرة على التعليم، وكذلك على الإمامة والأذان، مع أن ذلك مخالف لما اتفق عليه كثير من أئمة المذاهب من عدم جواز الاستئجار وأخذ الأجرة عليها كبقية الطاعات من الصوم والصلاة والحج وقراءة القرآن ونحو ذلك.
ومن ذلك تضمين الساعي بالفساد، مع أن ذلك مخالف لقاعدة (الضمان على المباشر دون المتسبب) ولكن أفتوا بضمانه زجراً بسبب كثرة السعاة المفسدين.