هذه القاعدة ذات مكانة عظيمة وفوائد عميمة ذكرها كل من كتب في القواعد أو صنف فيها، ولكن العلماء الذين دونوا القواعد لم يعتبروها من القواعد الكبرى ولم يتوسعوا في الحديث عنها ولم يذكروا في فروعها إلا القليل، ولكني بعد دراستي لهذه القاعدة دراسة واعية متأنية وإدراكي العميق لما اشتملت عليه من قواعد فرعية ومسائل جزئية لا تحصى، ولما تبين لي مكانتها من الفقه من جانب وأصوله من جانب آخر، وبخاصة بعد ما كتب فيها تلميذنا النجيب محمود مصطفى عبود رسالته لنيل درجة الماجستير تأكد لدي أن هذه القاعدة من حقها أن تكون سادسة القواعد الكلية الكبرى.
ونتبين أهمية هذه القاعدة عندما نعلم أنها محل اتفاق عند جميع العلماء كما يظهر من تفريعاتهم عليها وتعليلاتها بها، كما تزداد أهميتها عندما نعلم أنها تتعلق بتصرفات المكلف القولية كلها وتصحيحها، وهذا أمر ضروري عند جميع الأئمة لأن تصحيح الكلام مبدأ أخذ به الجميع دون استثناء.
وأيضاً فهي تتعلق بالدرجة الأولى بخطابات الشارع الحكيم، كما تتعلق بالكلام الصادر عن المكلف من حيث كونه يجب صونه عن الإهمال والإلغاء.
ومن هنا كان لهذه القاعدة تأثير كبير في بعض الأبحاث القرآنية التي تتعلق بكلام الله سبحانه وتعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.