المسألة الأولى: ما الأحكام التي تتغير بتغير الأزمان؟
نص القاعدة عام في ظاهره فالتغير في الظاهر شامل للأحكام النصية وغيرها، لكن هذا العموم ليس مقصوداً، لأنه اتفقت كلمة الفقهاء على أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان وأخلاق الناس إنما هي الأحكام الاجتهادية فقط المبنية على المصلحة أو على القياس أو على العرف أو العادة، وعلى ذلك فالأحكام النصية ثابتة لا تقبل التغيير ولا تدخل تحت هذه القاعدة، ولذلك رأى بعضهم أن يكون نص القاعدة:
(لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان) .
دفعاً لهذا اللبس، وهذا قيد حسن.
المسألة الثانية:
ما العوامل التي تسبب تغير الأحكام؟
العوامل التي ينشأ عنها تغير الأحكام نوعان:
١. النوع الأول: فساد الزمان وانحراف أهله عن الجادة، حيث ينشأ عن ذلك تبدل وتشدد في كثير من الأحكام.
٢. النوع الثاني: تغير العادات وتبدل الأعراف وتغير المصلح وتطور الزمن.
(ا) أمثلة لتغير الأحكام بناء على فساد الزمان وانحراف أهله:
من المقرر في أصول مذهب الحنفية أن المدين تنفذ تصرفاته في أمواله بالهبة والوقف وسائر وجوه التبرع، ولو كانت ديونه مستغرقة أمواله كلها، باعتبار أن الديون تتعلق بذمته، فتبقى أعيان أمواله حرة، فينفذ فيها تصرفه، هذا مقتضى القواعد القياسية.