لكن لما فسد الزمان وخربت الذمم وكثر الطمع وقل الورع، وأصبح المدينون يعمدون إلى تهريب أموالهم من وجه الدائنين عن طريق وقفها أو هبتها لمن يثقون به من قريب أو صديق، أفتى المتأخرون من فقهاء الحنفية والحنابلة في وجه عندهم بعدم نفاذ هذه التصرفات من المدين، إلا فيما يزيد عن وفاء الدين من أمواله.
وعند الإمام أبي حنيفة أنه لا يلزم تزكية الشهود ما لم يطعن فيهم الخصم، اكتفاء بظاهر العدالة، وأما عند صاحبيه أبي يوسف ومحمد فيجب على القاضي تزكية الشهود بناء على تغير أحوال الناس.
كذلك أفتى المتأخرون بتضمين الساعي بالفساد لتبدل أحوال الناس مع أن القاعدة (إن الضمان على المباشر دون المتسبب) ، وهذا لزجر المفسدين، كما سبق بيانه.
كذلك جواز إغلاق أبواب المساجد في غير أوقات الصلاة في زماننا، مع أنه مكان معد للعبادة ينبغي أن لا يغلق، وإنما جوز الإغلاق صيانة للمسجد عن السرقة.
ومن ذلك أيضاً قبول شهادة الأمثل فالأمثل، وجواز أخذ الأجرة على أداء الشعائر وتعليم القرآن، والتقاط ضالة الإبل زمن عثمان رضي الله عنه.