وتعليل ذلك أن المتمسك بالأصل متمسك بالظاهر، والمتمسك بخلاف الأصل متمسك بخلاف الظاهر، وكل من يتمسك بخلاف الظاهر ويريد إثبات أمر عارض فهو مدَّع والمدعي تجب عليه البينة كما نص الحديث لأنه مثبت.
وكل من يتمسك بالظاهر منكر للأمر العارض فهو مدّعى عليه فعليه اليمين لأنه نافٍ ولا سبيل لإقامة البينة على النفي.
وقد عبر عن ذلك أبو الحسن الكرخي في أصوله بقوله:(الأصل أن من ساعده الظاهر فالقول قوله والبينة على من يدعي خلاف الظاهر) .
وهذا الأصل أي براءة الذمة إنما يعتبر ويكون القول قول من يتمسك به مع يمينه إذا شهد له ظاهر سواء كان الظاهر هو الأصل بحسب ما يتبادر أو بحسب المعنى.
مثال ذلك: إذا ادعى رجل على بكر بالغة أنَّ وليها زوجها منه قبل استئذانها، فلما بلغها سكتت وقالت: بل رددت. فالقول لها في الراجح؛ لأن الزوج يدعي سكوتها ليتملك بضعها من غير ظاهر معه، وهي تنكر، والظاهر هو الاستمرار على الحالة المتيقنة، وهي عدم ورود ملك عليها الذي هو الأصل، فكانت هي متمسكة بأصل معنى هو الظاهر، فكان القول لها، كالمودَع يدعي رد الوديعة والمودِع ينكر، فإن القول لمدعي الرد وإن كان مدعياً صورة لتمسكه بالأصل الظاهر وهو فراغ ذمته