في التعليق على عمومه ولا يخصه العرف الطارئ عليه، لأن انعقاده إنما هو على العرف المقارن للتلفظ لا على العرف الحادث بعده، فلو كان العرف في بلدة على بيع رأس الغنم وأكله فقال لزوجته: إن أكلت رأساً فأنت طالق، ثم تعورف فيها أكل رأس البقر فأكلت بعد تبديل العرف رأس البقر، قالوا: لا يقع الطلاق، لأن اليمين انعقدت على رأس الغنم بحسب العرف المقارن للتعليق، فلا يتغير بالعرف المتأخر.
وأما الإقرار فهو إخبار عن وجوب سابق وربما يتقدم الوجوب على العرف الحادث الغالب في البلد، فلو اعتبر فيه العرف دائماً لأدى إلى إبطال بعض الحقوق فلا بد من التفصيل.
فلو أقر لإنسان بألف ريال غصبها أو سرقها أو استدانها منذ خمسين سنة ولم يبين فيجب حملها على الريالات التي كانت سائدة في ذلك الزمن، لا الريالات التي يتعارفها الناس اليوم، إلا أن يُبين.
وكذلك الدعوى، لأن الدعوى كالإقرار فهي إخبار بما تقدم، فلا يقيدها العرف المتأخر، بخلاف العقد فإنه باشره للحال فقيده العرف، ولذلك صدرت هذه المقولة:(إن العادة الغالبة إنما تؤثر في المعاملات لكثرة وقوعها، ولا تؤثر في التعليق والإقرار والدعوى، بل يبقى اللفظ فيها على عمومه ولا يخصصه العرف فإذا اشترى بألف في بلد عملته الريالات لزمه ذلك، لأن البيع معاملة والغالب أن المعاملة تقع بما اعتاده الناس من نقود) .